الطلاق فرع عن عقد الزواج الذى هو من أغلظ العقود وأوثقها عند الله تعالى كما جاء فى كتابه الكريم، ولذلك شرع الإسلام الخطبة ليتعرف كل من الخطيبين بالآخر وبأسرته، فإذا إستقرت الأوضاع يتم عقد الزواج بعد مباركة الجميع، أما إذا أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، فقد يقع الطلاق فى كثير من الأحيان قبل الدخول، فما هى الحقوق الشرعية للمطلقة قبل الدخول بها؟ سؤال مهم يجيبنا عليه د. سعد الدين هلالى أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر قائلاً: الطلاق هو حل رابطة الزواج الذى يعتبر من أغلظ العقود فى الإسلام، فقد قال تعالى فى كتابه العزيز: {وإن أردتم إستبدال زوج مكان زوج واتيتم احداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا*وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا} [النساء:20-21]، فكان الواجب على المسلم الا يتسرع اليه إلا بعد الإستشارة والإستخارة والتروي، وعلى كل حال فإن الطلاق قبل الدخول أهون ضرراً من الطلاق بعد الدخول، وربما يكون فى ذلك الخير الذى لا نعلمه، وقد قال تعالي:{وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما} [النساء:130]، أما الحقوق الشرعية للمرأة المطلقة قبل الدخول فحقان: حق أدبى وحق مالي.
*أما الحق الأدبى للمطلقة قبل الدخول فهو أن يصير أمرها بيدها فوراً، فليس للزوج المطلق أن يراجعها إلى عصمته إلا بإذنها وبعقد ومهر جديدين، كما إنها لا تخضع لأحكام العدة، بل تحل للخطاب، ويجوز لها أن تتزوج من غير مطلقها فوراً وفق الشروط الشرعية، لقول الله تعالي: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعهوهن وسرحوهن سراحا جميلا} [الأحزاب:49].
*أما الحق المادى للمطلقة قبل الدخول فيختلف بحسب تسمية المهر من عدمه، فإن كان المهر لم يسم -اى لم يذكر قدره- فى عقد الزواج فحقها المالى يسمى متعة يقدره القاضي، لقوله تعالي: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقاً على المحسنين} [البقرة:236]، أما إذا كانت المطلقة قبل الدخول لها مهر مقدر -أى تم تحديد مقداره فى عقد الزواج أو بعده- فحقها المالى جاء فى قوله تعالي: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا ان يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفو اقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير} [البقرة:237]، وقال ابن عباس فى معنى قول الله تعالي: {وأن تعفوا أقرب للتقوي} قال: أقربهما الذى يعفو، فإذا كان العفو من المرأة تركت الصداق كاملا للمطلق، وإذا كان العفو من المطلق ترك الصداق كاملا للمرأة، وإذا لم يعف أحدهما لصاحبه فلكل واحد منهما نصف المهر.
الكاتب: نورا عبدالحليم.
المصدر: جريدة الأهرام اليومى.